غزّة: المجاعة تحصد المزيد من الأرواح وتحذيرات أممية من كارثة غير مسبوقة

لا تزال المجاعة تحصد المزيد من الأرواح في قطاع غزة, حيث ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 154 حالة، من بينهم 89 طفلا, وذلك بسبب العدوان الصهيوني المتواصل منذ السابع من أكتوبر 2023, والحصار الخانق منذ 2 مارس 2025، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات الأممية من أن القطاع يواجه خطر المجاعة الشديدة، حيث أن مؤشرات استهلاك الغذاء والتغذية وصلت إلى أسوأ مستوياتها منذ بداية العدوان.
وفي حصيلة جديدة، أعلنت السلطات الصحية في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، عن استشهاد 7 مواطنين بسبب المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة, من بينهم طفل، خلال الـ24 ساعة الماضية, ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 154، من بينهم 89 طفلا.
وتأتي هذه الأرقام المروعة في وقت حذر فيه "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي" في تقرير صدر يوم أمس الثلاثاء, من أن قطاع غزة يواجه خطر "المجاعة الشديدة", مشيرا إلى أن مؤشرات استهلاك الغذاء والتغذية وصلت إلى "أسوأ مستوياتها" منذ بداية العدوان الصهيوني في السابع من أكتوبر 2023.
وأوضح التقرير أن اثنتين من العتبات الثلاث لتحديد المجاعة قد تم تجاوزهما في بعض أجزاء القطاع, ما يضع غزة في "مرحلة كارثية", وفق معايير الأمن الغذائي العالمي.
كما حذرت كل من منظمة الأغذية العالمية ومنظمة "اليونيسف" من أن الوقت ينفد لإطلاق استجابة إنسانية شاملة, وسط ظروف تتدهور بسرعة.
وفي بيان رسمي - تعليقا على تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"-، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن التقرير "أكد بوضوح أن غزة على شفا المجاعة, والبيانات لا يمكن إنكارها", مضيفا أن الوضع في القطاع "ليس تحذيرا بل واقع يتكشف أمام أعين العالم بأسره".
وشدد على أن "المساعدات التي تصل إلى غزة كقطرات يجب أن تتحول إلى سيل لا ينقطع"، مشيرا إلى أن القطاع المحاصر بحاجة ماسة إلى الغذاء والمياه والأدوية والوقود دون أي عوائق أو تأخير.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة في تحذير مباشر: "هذا اختبار لإنسانيتنا المشتركة ولا يمكننا تحمل الفشل".
وفي بيان مشترك، أكدت وكالات أممية أن "الصراع المستمر, وانهيار الخدمات الأساسية، إلى جانب القيود الشديدة على دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها المفروضة على الأمم المتحدة, كلها عوامل دفعت مئات الآلاف إلى حافة المجاعة الفعلية".
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إن معدل سوء التغذية بين الأطفال في غزة بلغ مستويات "مثيرة للقلق"، مشيرة إلى أن واحدا من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في مدينة غزة يعاني من سوء تغذية حاد، وهو ما يعرض حياتهم للخطر بشكل مباشر.
ودعا المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إلى إدخال الغذاء والدواء "على الفور" إلى قطاع غزة لوقف الوفيات الناجمة عن المجاعة جراء الحصار الصهيوني الخانق.
وقال غيبريسوس في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي إن المجاعة وسوء التغذية والأمراض في غزة تسببت في زيادة الوفيات المرتبطة بالجوع مؤكدا أن هذا الأمر يستدعي ضرورة إيصال مساعدات غذائية وطبية على نطاق واسع لمنع تفاقم الوضع.
وأشار إلى تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي, الذي حذر من أن غزة تشهد أسوأ سيناريوهات المجاعة, مضيفا بأن "المجاعة وسوء التغذية والأمراض تؤدي إلى ارتفاع في الوفيات المرتبطة بالجوع".
وجدد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة, مذكرا أن "السلام هو أفضل دواء".
كما ذكرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) أن معدل سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين شهري مارس ويونيو, نتيجة لاستمرار الحصار ونقص المساعدات.
وفي السياق ذاته، أكدت الأمم المتحدة أن الوضع في شمال غزة بات "خارج السيطرة" في ظل إغلاق الاحتلال الصهيوني الكامل للمعابر منذ 2 مارس 2025 ما يمنع دخول الغذاء والماء والدواء, ويحول دون تحرك فرق الإغاثة على الأرض.
وتجمع المنظمات الدولية على أن ما يحدث في غزة يمثل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث تتقاطع المجاعة مع حرب إبادة جماعية، بحسب وصف تقارير حقوقية.
ورغم التحذيرات والنداءات المستمرة، فإن المجتمع الدولي لم ينجح حتى الآن في فرض وقف إنساني لإطلاق النار أو ضمان ممرات آمنة لإيصال المساعدات، ما يجعل مصير مئات الآلاف من المدنيين على شفا حفرة من الكارثة.