رئيسة الحكومة بمجلس نواب الشعب: "تونس قادرة اليوم، بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد، على كتابة فصل جديد من النجاح والأمل"

قالت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري اليوم الأربعاء بمجلس نواب الشعب بباردو، إن "تونس قادرة اليوم، بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد، على كتابة فصل جديد من النجاح والأمل"، مضيفة قولها إن "سنة 2026 ستكون موعدا للانطلاقة الحقيقية لتونس الجديدة .. والرّقي والتنمية والازدهار".
واستعرضت الجنزري بمناسبة شروع مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، في جلسة عامة مشتركة مخصصة لمناقشة مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2026، بيان الحكومة الذي تضمن الملاح الكبرى لبرامجها في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية والرياضية والثقافية.
بيان الحكومة: تحقيق العدالة الاجتماعية
وتصدّر الدور الاجتماعي للدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية اللذان يمرّان حسب بيان الحكومة، عبر دفع التشغيل والحد من البطالة والقضاء على العمل الهش والنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة وتطوير والصحة والتعليم ودعم أنظمة الضمان الاجتماعي وتنويع مصادر تمويلها خاصة عبر إقرار تمديد العمل بالمساهمة التضامنية، وسن جملة من الاقتطاعات والزيادات في بعض الضرائب والأداءات في الغرض لتحقيق الحماية الإجتماعية والتغطية الصحية الشاملة .
وفي علاقة بدفع التشغيل، أقرّت الحكومة، حسب بيانها، فتح 51.878 خطة انتداب في الوظيفة العمومية، منها 22.523 خطة جديدة موجهة لحاملي الشهائد العليا ومن طالت بطالتهم، ومواصلة تسوية وضعيات عمّال الحضائروالأساتذة والمعلمين النواب والقضاء على مختلف أشكال التشغيل الهشّ، فضلا عن تكفل الدولة بمساهمة الأعراف في الضمان الاجتماعي لتشجيع القطاع الخاص على الانتداب، وتنقيح المرسوم عدد 15 لسنة 2022 المتعلق بالشركات الأهلية لتبسيط الإجراءات أمام المبادرين، ورصد 35 مليون دينار إضافية لصندوق التشغيل لدعم إحداث هذه الشركات.
كما ستواصل برامج التمكين الاقتصادي لمختلف الفئات الهشة، وخاصة النساء العاملات في الفلاحة، عبر إحداث مجمعات فلاحية نسائية ومشاريع صغرى ضمن برنامج "رائدات" فضلا عن مواصلة العمل على تنفيذ برامج الإحاطة بالأطفال المهددين بالانقطاع المدرسي وكبار السن وفاقدي السند والفئات محدودة الدخل وتخصيص اعتمادات هامة للنهوض بذوي الإعاقة وتسهيل إدماجهم المالي والاقتصادي مع تمكينهم من إعفاءات جبائية لتيسير إدماجهم في الدورة الاقتصادية.
وفي علاقة بالملف الصحّي أعلنت الزنزري، عن قرب انطلاق مشاريع مستشفيات جديدة في عدد من الجهات الداخلية على غرار مستشفى الملك سلمان بالقيروان الذي ستنطلق أشغاله خلال هذا الشهر، والسعي إلى إحداث المستشفى الرقمي الأول من نوعه في تونس، الذي يعتمد أساسا التكنولوجيا الحديثة وخدمات طبية عن بُعد، فضلا عن مواصلة تنفيذ برنامج النهوض بالمؤسسات الاستشفائية العمومية من خلال صيانة وتجهيز المستشفيات الجهوية والمحلية وتدعيمها بالإطارات الطبية وشبه الطبية.
وفي مجال التربية والتعليم والتكوين المهني، أكدت الزعفراني عن قرب إرساء المجلس الأعلى للتربية والتعليم لإصلاح المنظومة التربوية ومراجعة المناهج التعليمية لتتلاءم مع متطلبات الاقتصاد الجديد وسوق الشغل، إلى جانب مواصلة العمل على تطوير البنية التحتية للمؤسسات التربوية خاصة في المناطق الريفية، والتركيز على مواءمة الاختصاصات التكوينية مع حاجيات المؤسسات الاقتصادية، وتشجيع التكوين في المجالات ذات القيمة المضافة العالية.
تونس تتعافى اقتصاديا... ونسبة نمو ب3 فاصل 3 بالمائة سنة 2026
وعلى الصعيد الاقتصادي أفادت رئيسة الحكومة بأن الدولة ستحرص على تحقيق نمو بنسبة 3،3 بالمائة، خلال سنة 2026، مقابل نمو ب2،6 بالمائة، متوقعة لكامل سنة 2025.
واعتبرت ان هذه النسبة ستمّكن من الارتقاء بالدخل الفردي، بنسبة 7،4 بالمائة خلال سنة 2026.
وقالت إن "الاقتصاد الوطني يسير نحو التعافي"، مؤكدة "نجاح تونس في رفع عديد التحديات والتعويل على قدراتها الذاتية وبناء خياراتها الوطنية وتحقيق مؤشرات ونتائج إيجابية".
وذكّرت "بإيفاء البلاد بجميع التزاماتها الخارجية وضمان استدامة التوازنات الماليّة وتحسين كلّ المؤشرات الاقتصادية والاستقرار المالي، إلى جانب الحفاظ على الاستقرار الكلّي للاقتصاد الوطني خلال سنة 2025". كما اكدت التقدّم في تنفيذ الإصلاحات الهيكليّة الكبرى في المجالات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والماليّة، رغم التحديّات المرتبطة بالتقلّبات الاقتصادية الدّولية.
واعتبرت هذا التطّور، إشارة إيجابية تعزز ثقة المستثمرين التونسيين والأجانب وتكرّس صورة تونس كوجهة للاستثمار،مشيرة إلى أن الحفاظ على الاستقرار مكن، أيضا، من تحسين الترقيم السيادي لتونس، خلال سنة 2025، حسب تقييم وكالات التصنيف العالمية وهو ما يضمن القدرة على النفاذ مجدّدا إلى الأسواق المالية العالمية.
وأكدت أنّ مشروع قانون المالية لسنة 2026 ليس مجرد أرقام ونسب وحسابات، بل هو آلية لترجمة رؤية وطنية شاملة بمقاربات جديدة مختلفة تقطع تماما مع المقاربات التقليدية التي أدّت إلى التفاوت في النموّ لتوجيه الثروة والتنمية نحو كلّ الجهات بصفة عادلة.
وجاء في بيان الحكومة أن " الدولة ثابتة في حربها على الفساد وكلّ أشكال تخريب الاقتصاد الوطني والإثراء غير المشروع، خصوصا أن الإصلاح الحقيقي لا يقوم إلاّ على الشفافية والمساءلة واحترام القانون".
وبينت أن الرؤية الاستراتيجية الشاملة للميزان الاقتصادي وقانون المالية وميزانية الدولة سيساهم في انطلاقة جديدة نحو مسار شامل للنموّ العادل، قائم على التعويل على الذات وعلى الخيارات الوطنيّة دون أية إملاءات خارجية وبمَا يُرسّخ مقومات الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في تونس.
الديبلوماسية الاقتصادية ودورها في إشعاع تونس بالخارج
وعلى مستوى تدعيم إشعاع تونس الخارجي وتوطيد العلاقات الاقتصادية وخدمة التونسييّن بالخارج، قالت رئيسة الحكومة إن العمل سيتواصل على تدعيم التمثيل الدبلوماسي وعلى مواصلة تنفيذ برامج رقمنة الخدمات القنصلية وتسهيل توجّه الفاعلين الاقتصاديين نحو الأسواق الخارجية، مشيرة إلى أن تونس اختارت تنويع شراكاتها الاستراتيجيّة وتوسيعها بما يخدم مصالح شعبها.
وأبرزت أن الدولة تعمل على مزيد الإحاطة بالتونسيين المقيمين بالخارج من خلال تقريب الخدمات الإدارية منهم والإنصات لمشاغلهم والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لهم.
وأوضحت، في هذا الصدد، أنه يجري العمل على انجاز مشروع القنصلية الرقمية "E-Consulat"، الذي يتمثل في رقمنة الإجراءات الإدارية الموجهة لفائدة الجالية التونسية بالخارج وتوفير لوحة قيادة من أجل تحسين جودة الخدمات المقدمة لفائدتهم وتيسيرها .
وأضافت أن العمل يرتكز حاليا على تجاوز الدور التقليدي في العلاقة بالجالية التونسية لتكون مساهمتها أكثر استدامة وتأثيرا ولتكون رافد للاستثمار المباشر في تونس وجسرا لجلب استثمارات أجنبية بفضل معرفتهم بالأسواق الدولية.
واعتبرت رئيسة الحكومة التونسيين المقيمين بالخارج قوّة اقتراح لرؤى وأفكار جديدة مستنيرة بتجارب دولية ناجحة، داعية إياهم إلى أن يكونوا قوّة داعمة لمسار الإصلاح الشامل بالبلاد.
وقالت رئيسة الحكومة ان سنة 2025 ، قد شهدت مواصلة العمل على تعزيز قدرات البلديات والمرافق العمومية لتحسين جودة الخدمات المسداة ودفع الاستثمار مبرزة ان البرامج الاستثمارية للبلديات قد شملت تهذيب الأحياء الشعبية عبر مشاريع تعبيد الطرقات والتنوير والتطهير.
التنمية المحلية والجهوية... أولوية
ومن ناحية أخرى، أكدت رئيسة الحكومة أن أهّم الأولويات المرسومة لسنة 2026، إصدار القانون الأساسي المتعلق بالمجالس البلدية إلى جانب استكمال مشروع مجلة التهيئة الترابية والتعمير للرفع من نسبة تغطية التراب الوطني بدراسات أمثلة التهيئة العمرانية في اتجاه تبسيط الإجراءات.
وأشارت أيضا إلى أن الدولة ستعمل خلال سنة 2026 على تنفيذ برنامج إعادة هيكلة المنشآت العمومية الذي يهدف إلى إصلاح تلك التي تواجه صعوبات ماليّة وهيكليّة أثرّت على جودة واستدامة خدماتها، وذلك من خلال تطوير أدائها وإعادة هيكلتها المالية مما يساهم في تخفيف العبء على المالية العمومية من جهة وتنمية عائدات مساهمات الدولة، في اتجاه المحافظة عليها وعدم التفويت فيها.
كما ستتمّ إعادة تنظيم عدد من المؤسسات والهياكل العمومية قصد تحسين أدائها وقدرتها على مواكبة التطورّات الاقتصادية والاجتماعية خصوصا وأن عديد المؤسسات شهدت تراجعا نتيجة السياسة التي تمّ اتباعها منذ بداية سنوات التسعين تحت مسمّى" التأهيل الهيكلي للمؤسسات"، وفق تعبيرها.
وأكدت رئيسة الحكومة ضرورة التقليص في عدد المؤسسات والهياكل العمومية، التي قالت إنها "استنزفت أموال المجموعة الوطنية دون جدوى من وجودها بالإضافة إلى أنَّ عددًا منها يقوم بنفس المهام مع تداخل الاختصاصات وتشتت الصلاحيات بينها بما أثر سلبا على نجاعتها في إسداء الخدمات بالجودة المطلوبة وتحديد المسؤوليات نتيجة تعدّد المتدخلين وبالتالي فإن دمجها أصبح ضرورة بمَا يحفظ المال العام ويحسّن أداء تقديم الخدمات للمواطنين".
الشباب والرياضة: استراتيجيات تنفذ ومنشآت تنجز
وأعلنت رئيسة الحكومة لدى تلاوتها البيان أن أشغال إعادة بناء الملعب الأولمبي بالمنزه ستنطلق خلال سنة 2026 بعد أن تمَّ إبرام مذّكرة تفاهم في الغرض مع الوكالة الصّينية للتعاون الإنمائي الدّولي.
واضافت أنه سيتواصل العمل خلال سنة 2026 على النهوض بالمنظومة الرياضيّة في إطار مقاربة تشاركيّة شاملة بهدف تحقيق مَقاصد الرياضة في تكوين وتأطير الشباب والرُّقي به وتنمية قدراته وتوظيف الفرص التي يمنحها قطاع الرياضة ضمن ديناميكية التنمية الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب إسهام الرياضة في إشعاع تونس وتعزيز حضورها في المحافل الرياضيّة القاريّة والدوليّة.
ومن جهة أخرى، أوضحت أنه في إطار دعم التوجُّهات الوطنية الرَامية إلى تطوير الأنشطة الرياضيّة وتعزيز حُضور تونس على المستوى الإقليمي والدّولي، فقد تواصلت الجُهود خلال السنة الجارية لدعم الجامعات والجمعيات الرياضيّة بمختلف اختصاصاتها وتنفيذ الإصلاحات المتعلّقة بحوكمة المنظومة الرياضيّة المدنية وتوسيع قاعدة ممارسة الرياضة لدى مختلف الفئات إلى جانب دفع التربية البدنية والرياضة للجميع للارتقاء بها مشيرة إلى انه يجري العمل حاليًّا على سَّن قانون جديد يخُصّ الهياكل الرياضيّة.
كما ذكرت أنه تمّ الانطلاق خلال سنة 2025 في تجسيم مختلف مُخرجات الاستراتيجية الوطنية للشباب ودعم الادماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب من خلال تطوير مختلف البرامج والأنشطة التربوية والاجتماعية والتدريبيّة والترفيهيّة.
تعزيز الاستثمار في الصناعات الثقافية ودعم المشاريع الإبداعية الناشئة
وفي تطرقها إلى المجال الثقافي أكدت رئيسة الحكومة أن سنة 2026 ستشهد تنفيذ إصلاحات جوهرية لحماية التراث وضمان استدامة البنية الثقافية، بعد أن تميزت سنة 2025 بتكثيف جهود المحافظة على التراث الوطني وتشجيع الاستثمار الثقافي. وتشمل هذه الإصلاحات مراجعة مجلة حماية التراث وتحيين القوانين ذات الصلة، إضافة إلى تعزيز الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية ودعم المشاريع الناشئة والمبتكرة.
كما ستتم مراجعة كراسات الشروط والنصوص المنظمة لحقوق المؤلف وتفعيل دور المؤسسة الوطنية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. ومن بين الأولويات أيضا نشر ثقافة القرب عبر مكتبات متنقلة وخدمات ثقافية موجهة للفئات الهشة في مراكز الإصلاح والسجون والمستشفيات ودور المسنين والمدارس الريفية.
وشددت رئيسة الحكومة على أهمية تطوير الاقتصاد الثقافي الرقمي سنة 2026، من خلال دعم التحول الرقمي للمؤسسات الثقافية وتفعيل المنصة الرقمية التفاعلية للثقافة لتسويق المنتجات الفنية والإبداعية محليا ودوليا، إلى جانب دعم مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي بتهيئة مختبر متنقل وتجهيزه بوسائل حديثة لتمكينه من أداء دوره التنموي.




14° - 23°








